الفضاءات الثقافية تساهم في دعم الممثل التونسي
" الممثل الناجح ليس بالضرورة ناجحا في حياته الشخصية "
من يشاهد الممثل صالح الجدي في اغلب أدواره يستطيع أن يلمس تواضعه و عفويته في التمثيل و هذا بالفعل ما اكتشفناه عند استضافتنا له حيث فتح لنا قلبه عن حياته الشخصية و الفنية .و هو ما يعد مؤخرا مع فريق عمل لأبرات تمثيلية غنائية و راقصة ستقدم ضمن الفضاء الثقافي "لارتيستو" الذي يديره بنفسه.
و كان لنا لقاء معه تحدث فيه بالخصوص عن ترأسه لهذا الفضاء الثقافي و عن حياته الشخصية و الفنية بالإضافة إلى رأيه في المشهد الفني التونسي.
إطلالته على الجمهور كانت في أواخر الثمانينات بعد تخرجه من المعهد العالي للفن المسرحي في مسلسل" الدوار" فدخوله للفن لم يكن من قبيل الصدفة بل كان نتاج تصميم على تقديم فن جاد له معنى و قيمة. و رغم انه ليس من عائلة فنية فقد برزت داخله موهبة التمثيل منذ الصغر فكان المع المشاركين في المسرحيات المدرسية و الثانوية « لقد دعوت والدي و لقد تأثر كثيرا عندما طالبني الجمهور بالإعادة ». و قد تعاطف الجمهور معه منذ أول ظهوره و دهشوا لقدرته الفائقة على التمثيل و تنبأ له الكثير بمستقبل فني واعد.
يدير صالح الجدي الممثل و الفنان المتألق الفضاء الثقافي لارتيستو التابع لشركة الإنتاج الفني التي تحمل نفس الاسم بكل دراية و حكمة فهو ليس من قبيل الصدفة بل هو جزء من حلم كان يصبوا إليه طوال مسيرته الفنية التي دامت حوالي 25 سنة وهو توفير مكان خاص به للتدريب وإقامة و تنظيم العروض الفنية دون الحاجة إلى الاستعانة بالدولة لتوفير دور الثقافة«هذا الفضاء هو طموح كل فنان تونسي خاصة في ظل قلة الإمكانيات و صعوبة التمويل».
وأفادنا محدثنا أن الهدف من هذا الفضاء الثقافي هو بالأساس فني وهو نابع من هاجس ثقافي ذاتي لكنه في نفس الوقت يكتسي صبغة تجارية لأنه يحتوي على مقهى و أضاف«إن المال ضروري ليواصل الفنان رسالته و يعتمد أكثر على نفسه في إنتاجه الفني». وذكر انه يحضر حاليا صحبة فريق عمل متكامل - فهو يحب العمل المشترك – لأبرات تمثلية ،غنائية وراقصة ستعرض إنشاء الله في الفضاء الثقافي إلى جانب إقامة مسابقات بمناسبة حلول شهر التراث في الشعر الشعبي و العزف و الغناء والتمثيل.
"الشخصية النمطية.............لا تقلقني"
وحول سؤالنا للجدي عن سر التزامه بشخصية واحدة نمطية ألا وهي الشخصية الطيبة تتكرر في مختلف أعماله التلفزية، أكد لنا أن المشكلة الأساسية هي في الإنتاج التونسي الذي لا يترك المجال للممثل للاختيار فهو إنتاج محدود و موسمي و الأدوار فيه محدودة أيضا «إن الشخصية الطيبة النمطية لا تقلقني لأنها تعكس جانبا هاما من شخصيتي بالإضافة إلى أنني أسعى في كل مرة لتناولها بطريقة معينة مختلفة عن التي سبقتها».
و في ذات السياق أضاف "صالح"أنه يزاول مهنة تدريس المسرح الذي يعشقه بمعهد أبولبابة بقابس مسقط رأسه«بالإضافة إلى حبي للتمثيل فاني أحب المسرح أيضا و أسعى لأن أدرسه للأجيال الصاعدة حتى تحمل المشعل عني و عن كل الممثلين الفنانين و تفجر طاقاتها الإبداعية الفنية».
واعتبر ان مسلسل"ريحانة" من أبرز الأعمال التي لا تمحى من ذاكرته حيث قام بدور"الناجي" وخرج للمرة الاولى عن الشخصية الطيبة التي تعود بها جمهوره. وتحدث"صالح الجدي" عن نفسه فقال «أنا أعشق الفن بصفة عامة و خاصة التمثيل و قد تأثرت بالعمالقة أمثال "عمر الشريف" و" أحمد زكي"»
وأكد في لهجة حازمة أن طموحاته بلا حدود وهو يسعى لتحقيقها تدريجيا و لعل ادارته للفضاء الثقافي "لارتيستو" أول درجة على السلم.
وبين محدثنا أن أكثر شيء يحبه في حياته هو نجاحه في عمله و في علاقاته الاجتماعية خاصة مع زملائه في المهنة «ان التمثيل هو العمل الذي أعشقه و أجد سعادة كبرى في ممارسته» و لاحظ أن نجاحه في العمل لا يعكس نجاحه في العائلة فهو منفصل عن زوجته و لديه ابن «لقد تزوجت و طلقت و لدي ابن هو مهجة قلبي فيوم ولادته عشت يوما غير حياتي و حملني الى دنيا جديدة و أدخلني عالم الأبوة ،هذا العالم الجميل والرائع». و أضاف أنه بصدد بناء علاقة عاطفية جديدة ربما تتوج بالزواج في القريب. و عن أهم شخص في حياته قال أن الوالدة هي أهم شخص لديه التي طالما دعمته و ساندته في اوقات الشدة.
و أكد "صالح الجدي" في خاتمة حواره معنا أن المشهد الفني التونسي و بالخصوص في التمثيل فهو رغم مشاكل الانتاج التي تعودنا عليها و قلة الموارد المالية فهو يعاني من غياب الاستمرارية فالمسلسلات التلفزية التونسية هي بالأساس موسمية و مقتصرة على شهر رمضان و هو ما يؤدي الى نفور الجمهور الذي يحتاج لمن يدربه على الوفاء الدائم لمواعيد محددة طيلة السنة.